عشر دقائق كانت كافية ليتحول فرناندو توريس من "بطل" صعق ضحيته المفضلة بهدف رائع، إلى "شرير" بعد طرده في الدقيقة 35 وترك فريقه منقوصا يواجه انتفاضة أبناء كتالونيا على فريق العاصمة الإسبانية، في مواجهة أوروبية تابعها العالم بأسره وشهدت قلب برشلونة لتأخره بهدف إلى فوز ثمين 2-1 على أتلتيكو مدريد.
تمر الأعوام على جميع اللاعبين، وكذلك على (النينيو) الذي لم يتمالك نفسه من هز شباك البرسا فريسته المفضلة، في مباراة الذهاب من دور ربع نهائي دوري الأبطال الأوروبي، حيث أثبت مرة أخرى أنه كابوس وضيف ثقيل يود ملعب كامب نو ألا يستقبله أبدا.
صاحب القميص رقم 9 في الروخيبلانكوس وفي الدقيقة 25 من اللقاء كرة من تمريرة باهرة الدقة خرجت من قدم زميله كوكي، وإمعانا في القسوة أودعها توريس إلى داخل المرمى الفسيح عبر المسافة الضيقة بين ساقي الحارس الألماني تير شتيجن الذي ضم ساقيه في محاولة بائسة لحفظ ماء وجهه لكن بلا جدوى ليهبط صمت رهيب على الكامب نو.
وأضاف توريس بذلك هدفه رقم 11 خلال 17 مواجهة مع البرسا. منها تسعة أهداف في العقد الأول من الألفية الثانية حينما كان لا يزال قديسا ورمزا واعدا لأتلتيكو مدريد يشي بأن لديه الكثير لتقديمه لفريقه وفي وجوه المنافسين أيضا، وهو أمر لم يفت على المدرب المخضرم دييجو سيميوني.
وبهدف أمس يصبح إجمالي الأهداف التي ضرب بها مرمى برشلونة في عقر داره كامب نو هو ستة أهداف، بواقع ثنائيتين في موسمي 2004-2005 و2005-2006 خلال فترة تواجده الأولى مع أبناء العاصمة، وهدف آخر خلال إياب نصف نهائي دوري الأبطال في موسم 2011-2012 لكن هذه المرة بقميص تشيلسي وهو الهدف الذي قتل به توريس بلا رحمة أحلام البرسا في بلوغ النهائي وفي الوقت القاتل (ق90).
وعاد توريس بعد أربعة أعوام لاحتلال مشهد البطولة المزدوجة هذه المرة. خاصة وأن هناك لاعبين أكثر شبابا منه مثل جريزمان وكاراسكو أو ساؤول، الذين يعتبرهم سيميوني حاضر ومستقبل الأتلتي.
لكن كانت هذه ليلته، سواء على المستوى الجيد أو السيء. ربما لأن فورة حماس الهدف وتدفق الأدرينالين استمرا لوقت أطول من اللازم ليشهر الحكم بطاقتين صفراوين في وجهه خلال ست دقائق بالكاد. خطأين متشابهين للغاية على لاعب لا يعرف عنه ميله لخوض المشاحنات.
الخطأ الأول وقع في الدقيقة 29 حينما تدخل على نيمار بشكل خاطئ في لعبة غير مهمة وفي منطقة لا تأتي منها خطورة من الملعب، والثانية في الدقيقة 35 بعد التحامه مع بوسكتس بينما كان برشلونة يفر بائسا إلى منطقة جزائه.
كل ذلك أعاد للأذهان المباراة التي جمعت الفريقين اللدودين على نفس الملعب قبل ثلاثة أشهر حين لعب أتلتيكو بـ10 لاعبين بعد طرد فيليبي لويس بشكل مباشر في الشوط الأول ليستكمل المباراة على هذا الوضع.
إلا أن الضيوف لم يحنوا رؤوسهم في مواجهة إعصار برشلونة العاتي وقتها حيث صمدوا وصدوا ببسالة غارات الكتالونيين المتلاحقة والتي بلغت خطورتها أقصاها في الدقيقة 62 بعد طرد دييجو جودين ليلعب أتلتيكو بتسعة أفراد.
في تلك المباراة لم يكن المدافع الأوروجواياني في أفضل حالاته وكلف الطرد فريقه ثمنا باهظا ليرتكن إلى الدفاع ويعتمد على تألق الحارس أوبلاك.
وبدا أتلتيكو مقتنعا بأن التعادل ليس نتيجة سيئة حيث تراجع للخلف وهنا قال سواريز، رقم 9 أيضا، كلمته الأخيرة بهدف من مساعدة داني ألفيش (ق74).
وحاول برشلونة إضافة مزيد من الهدف إلا أن إغلاق سيميوني المنطقة الخلفية لفريقه بإحكام حال دون ازدياد الأمور سوءا.
من المؤكد أن برشلونة أصبح هو الآخر كابوسا بالنسبة لدييجو سيميوني ورجاله، خاصة وأن أتلتيكو خسر سبع مرات أمام البلوجرانا تحت قيادة لويس إنريكي منذ وصوله في صيف 2014.
لكن بالطبع يحسب لأبناء مدريد قدرتهم على المقاومة لمدة 55 دقيقة في غياب لاعب والحفاظ على حلم التأهل لنصف نهائي التشامبيونز ليج بفضل هدف توريس، رغم هدفي سواريز، في ليلة صاحبي رقم القميص 9.