[rtl]بسم الله الرحمن الرحيم[/rtl]
[rtl]أحكام الميراث تعبُّدية فرضها الله تعالى على عباده، فلا صلاح لأحوال النّاس إلاّ بتنفيذها، وأيّ تقصير أو تفريط في أحكام المواريث يبوء صاحبه بالإثم، ويتبع ذلك مشاكل متعدّدة تؤثّر في استقرار المجتمع، وتَشَتُّت الأسر، وتفاقم أسباب التفرّق والتقاطع واكتساب الإثم، وضياع مجهودات كبيرة في صلاح حال المسلمين، بينما الحلُّ بين أيديهم.[/rtl]
[rtl]إذا تأمّلنا في قضايا الميراث عند النّاس وجدنا أنّ أسباب الخلاف ليس في النصف أو الربع، وإنّما أكثر القضايا تكون في الجوانب الأخرى المتعلّقة بأسباب استحقاق الميراث، كالتّساهل في عدم كتابة الوصية أو التلاعب بها، وعدم إيضاح ما على المورّث من أموال، وما هي الأموال المشتركة مع آخرين، فبعد موت المورث قد يدّعي أحد الأولاد أنّه شريك لوالده أو أمّه، وهنا تُفتح على الورثة أبواب الخلافات والاتهامات، ومن أخطاء النّاس في باب الميراث تخصيص الوالد أحدَ أبنائه بمعرفة أملاكه دون البقية، ثمّ يَنزَغ الشّيطان الابنَ ويقع المحذور، كذلك؛ من الأخطاء المؤدّية للنِّزاع تأخير قسمة التركة، تمضي الأشهر والسنوات والتركة لم تُقسم، وقد يوجد من المستحقّين قُصَّرٌ يعيشون فقراء، وزوجات لا يجدن من يُعيلهنّ، والتَّرِكة تغنيهم عن الزّكوات والصّدقات لو توزّعت، إلاّ أنّ عناد البعض ممّن لا يضرّه حبس التّرِكَة يجعل حياة الآخرين جحيمًا.[/rtl]
[rtl]ومن بين أخطاء بعض الآباء والأمّهات استعجالهم لقسمة التّركة، فخوفًا من شقاق الأبناء بعد وفاة الآباء يُقدم بعض هؤلاء على تقسيم أموالهم على أبنائهم، فربّما يقعون في الجَور والإحراج، بل وحتّى إذا تصالح الجميع فيما بينهم على ما قسّموه فإنّهم لا يُوثّقون ذلك، ثمّ بعد وفاة المُوّرثين يختصم الورثة فيما بينهم، فيدّعي بعضهم أنّه سكت على قسمة الوالد وما رضيها لأنّ أباه كان مريضًا فلم يُرد أن يسيء إلى صحّته بالاعتراض، وآخرون يقولون إنّ الفصل عند القضاء ولا نرضى بقسمة الآباء، وقد يكون بعض الورثة قد هلكوا فتنقلب الأمور رأسًا على عقب.[/rtl]
[rtl]وفي كثير من القضايا الّتي يُؤخّر فيها بيان الأنصبة وتسوية الاستحقاق تتفاقم الأمور إلى ما هو أعظم، خصوصًا إذا كانت هناك محلاّت ومصادر الاستثمار، وصكوك ديون، فيؤخّرها البعض من أجل مداخيلها، ثمّ يعظم الشّقاق، ويتنوّع الاختلاف، ولا تُحلّ أغلب القضايا إلاّ بتقوى الله عزّ وجلّ، والرّضا بقسمته العادلة، والخوف من مخالفة أمره، فإنّ الله تعالى لمّا فصّل في الميراث وعد الممتثلين وتوعّد المعتدين فقال: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} النّساء:13-14.[/rtl]
[rtl]فالخلل فينا نحن البشر أنّنا نتلقّى الحلول فنردّها، وبدل أن نجعل نعمة المال والميراث سببًا في اجتماعنا نجعله سببًا في تفرّقنا، وبدل أن يكون زيادة في قوّتنا نوظّفه ليكون سببًا في ضعفنا.[/rtl]
[rtl]المصدر:[/rtl]
[rtl]الجزائر: الشيخ بشير شارف
إمام مسجد الرّحمان - براقي[/rtl]